تضم منطقة جنوب آسيا دول شبه القارة الهندية وأفغانستان وإيران. ويمثل الإسلام في هذه المنطقة ثاني أكبر ديانة جغرافيا.
وتشغل شبه القارة الهندية، القسم الكبير من جنوب القارة الآسيوية وهي تضم البلدان الواقعة على الصفيحة التكتونية الهندية. وهي بنغلاديش، بوتان، الهند، نيبال وباكستان. وأيضا الجزر المتمركزة على الجرف القاري مثل سريلانكا وجزر المالديف.
وتقع شبه القارة الهندية بين خليج البنغال في الشرق، وبحر العرب في الغرب، والمحيط الهندي في الجنوب وجبال هيمالايا في الشمال والمرتفعات الجبلية في الشمال الشرقي وجبال سليمان وامتداداتها في الشمال الغربي يتبعها من الجزر، جزر لكاديف والمالديف في الغرب، وأندمان، ونيكوبار في الشرق، وجزيرة سرنديب وسيلان في الجنوب.
وهي شبه جزيرة كبيرة المساحة، إذ يلقها اليم من جهاتها الثلاث الشرقية والغربية والجنوبية.
وقد كان يطلق على شبه القارة هذه اسم الهند قبل تقسيمها في 28 رمضان 1366 هـ (15 آب 1947م).
وانفصلت بعد التقسيم المناطق ذات الأكثرية المسلمة وشكلت دولة باكستان ثم تجزأت باكستان إلى بنغلاديش وباكستان، كما استقلت جزر المالديف، وسكان كل هذه الأمصار من المسلمين.[1]
ولكون دول شبه القارة الهندية تشترك في تاريخها قبل الانقسام نلخص هذا التاريخ المشترك في هذه السطور قبل أن نتناول واقع كل دولة منها بعد الانقسام.
تاريخ الإسلام في شبه القارة الهندية
وصل الإسلام إلى هذه الديار عن طريق الفتوحات الإسلامية حيث انطلقت جيوش الفتح منذ عصر الخلفاء الراشدين لتنشر دين الله تعالى، وفتحت بلاد الهند منذ ذلك العصر ودخل الناس في دين الله أفواجا وتوطدت أركان الحكم الإسلامي بفضل أخلاق الفاتحين والتجار والدعاة المسلمين الذين تفانوا وبذلوا النفس والنفيس في سبيل إخراج الناس من الظلمات إلى النور وإقامة بنيان الإسلام في الأرض.
ومما يجب ذكره وبفخر عن هذا التاريخ، فخامة إنجازات تلك الهمم السامقة التي ازدان بها الجيل المتفرد، فقد كان العرب في الجاهلية على صلة مع الهنود، ولم تتجاوز هذه العلاقة المصالح التجارية فما أن طرق الإسلام القلوب وانتظمت حياة الأنفس في سبيل الله تعالى. انطلق الصحابة لفتح بلاد الهند ولم تكن حروبهم مع فارس والروم قد انتهت بعد ولم يتحقق للمسلمين سقوط هاتين الدولتين الكبيرتين بل كانتا أقوى دولتين في العالم يومئذ ولكن كان في أيدي الصحابة قوة ضاربة في الأرض لا تقف أمام عقبات أو تحديات.
لقد كان في أيدي الصحابة والفاتحين أقوى قوى الحق. إنه الإسلام، الدين السماوي العظيم الذي حقق للشعوب العدالة والأمن والاستقرار والازدهار.
ولا بد من الإشارة إلى أن الفتح العربي الإسلامي للسند – شبه القارة الهندية- لم يكن فتحا عسكريا فحسب، وإنما -كما حدث في الجبهات الأخرى- تنقلت العشائر العربية إلى هناك، وحمل العرب إلى البلاد أسلوبهم نفسه في الحياة، كما انتشرت الثقافة الإسلامية والعربية في المدن التي ستؤسس فيما بعد، مما ساعد على نشر الإسلام والعربية، بل هاجرت إلى الهند الصور الفكرية نفسها التي طبعت العالم الإسلامي في القرن الأول الهجري، كما انتقلت إليها فرق ودعايات الخوارج والشيعة[2].
شبه القارة الهندية في القديم
انقسمت شبه القارة الهندية في القديم إلى قسمين جغرافيين كبيرين، هما: “بلاد السند والبنجاب” و”بلاد الهند”.
وبلاد السند هي البلاد المحيطة بنهر السند، الذي كان يسمى من قبل بـ “نهر مهران”، وينبع من عيون في أعالي السند وجبالها من أرض “كشمير”، ويصب في بحر السند “المحيط الهندي”. وتمتد هذه البلاد غربا من إيران، إلى جبال “الهمالايا” في الشمال الشرقي، تاركة شبه القارة الهندي في جنوبها. وتكون -الآن- جزءا كبيرا من دولة باكستان الحالية.
ومن مدن السند: مدينة “الديبل” “مكان كراتشي الحالية”، “قندابيل”، و”قيقان”، و”لاهور”، و”قصدار”، و”الميد”، و”الملتان” المجاورة للهند، وتقع على أعلى رافد من روافد نهر مهران.
وكان العرب يطلقون على “السند” من الأسماء: “ثغر الهند”، لأنه كان في ذلك الوقت المعبر إلى بلاد الهند[3].
في عصر الخلفاء الراشدين
ولی الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عثمان بن أبي العاص الثقفي عام 15 للهجرة أمر البحرين وعمان، فوجه أخاه الحكم إلى البحرين، وسار هو إلى عمان ولم يلبث أن وجه أخاه الحكم في جيش إلى منطقة شمال مدينة بومباي. وأعاد عثمان بن أبي العاص الثقفي أخاه الحكم مرة ثانية بجيش إلى بروص في مقاطعة كوجرات شمال سورت، حيث واجه قوات العدو فانتصر عليهم كما وجه عثمان بن أبي العاص الثقفي أخاه الآخر المغيرة إلى منطقة الديبل وهي تقع على مقربة من مدينة كراتشي اليوم.
وسار كذلك الحكم بن عمرو التغلبي بجيش إلى مكران من بلاد فارس ففتحها، وفر أهلها حتى وصل بعضهم إلى وادي نهر السند، وكان في هذا الجيش عبد الله بن عبد الله بن عتبان الأنصاري، وسهيل بن عدي بن مالك الأنصاري، وشهاب بن المخارق وبعث الحكم بن أبي العاص الثقفي بشارة الفتح إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وفي عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، بعث والي العراق عبد الله بن عامر بن كريز إلى الهند حكيم بن جبلة العبدي فظفر، وكانت دولة فارس قد انهارت وانتهت ودولة الروم قد هزمت وقبعت تترقب، فلما رجع حكيم بن جبلة العبدي من الغزو أرسله والي العراق عبد الله بن عامر بن كريز إلى الخليفة، فلما وصل إليه طلب منه أن يصف له الهند فقال: “ماؤها وشل، وثمارها دقل، ولصها بطل، إن قل فيها الجيش ضاعوا، وإن كثروا جاعوا و… فطلب الخليفة من ولائه على المشرق عدم غزو الهند بعدها.
وفي عصر الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أرسل الخليفة إلى بلاد السند تاغر بن دعر في عام 38 هـ فوصل إلى بلاد القيقان، وبعث رضي الله عنه، في إثره الحارث بن مرة العبدي فظفر وغنم، وذلك في أواخر عام 38هـ وأوائل العام الذي تلاه، ولكنه قتل فيما بعد وأكثر من معه عام 42ه وذلك أيام خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.[4]
عصر الدولة الأموية
في عصر معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنهما- استعمل والي العراق عبد الله بن عامر، عبد الله بن سوار العبدي على ثغر الهند ففتح بلاد القيقان، وعاد بعد أن استخلف على الثغر كرار بن أبي كرز العبدي. وتولى أمر الثغر راشد بن عمرو فاستشهد عام 42هـ، فعاد إلى الولاية عبد الله بن سوار العبدي فاستشهد هو الآخر عام 47 هـ. فبعث والي العراق -زياد بن أبيه- مكانه سنان بن سلمة الهذلي للمرة الثانية ثم تولى الثغر المنذر بن الجارود العبدي.
ومن ناحية ثانية وصل إلى الهند عباد بن زياد بن أبيه والي سجستان ثانية وأحرز نصراً، وكذلك أرسل والي خراسان الحكم بن عمر والغفاري إلى الهند عام 44هـ المهلب بن أبي صفرة، فنال شيئاً من النجاح، وبشكل عام فإن هذه الغزوات كانت على نطاق ضيق نتيجة الظروف التي كانت تعيشها الخلافة الإسلامية في دمشق.
واستقرت أوضاع الدولة في الشام وتولى الخلافة عبد الملك مروان، فأرسل والي العراق الحجاج بن يوسف الثقفي الحملة تلو الحملة إلى الهند غير أنها فشلت في بداية الأمر، ثم تكللت أخيراً بالنجاح.
وبعث في البداية سعيد بن أسلم بن زرعة عاملاً له على ثغر السند، غير أنه قتل وفر قاتلاه وهما معاوية ومحمد ابنا الحارث العلاقي، بعد أن غلبا على المنطقة والتجأ إلى ملك السند داهر ، ثم أرسل مجاعة بن سعر التميمي فغلب على الثغر وفتح بعض المناطق، ووافاه الأجل قبل مرور عام، فخلقه محمد بن هارون بن ذراع النمري.
في هذه الأثناء اختطف القراصنة الهنود بعض النساء المسلمات فطلب الحجاج بن يوسف من ملك السند داهر تسليم النساء، فأجاب أن يده لا تصل إلى القراصنة، فأرسل الحجاج بعض المقاتلين وعلى رأسهم عبيد الله بن نبهان فقتل، فأرسل بديل بن طهفة البجلي، ولكن الموت وافاه، فرغب الحجاج والي العراق إرسال جيش بإمرة أبي الأسود، فألح محمد بن القاسم الثقفي على الحجاج أن يتولى هو هذه القيادة، فوافق الحجاج، وعقد له، فسار على رأس ستة الآف، ففتح الديبل -على مقربة من كراتشي اليوم- وذلك عام 89هـ بعد أن وصل الأسطول الإسلامي وشارك في حصار المدينة.
وحطم محمد بن القاسم الأصنام التي كانت قائمة ليدرك أهلها أنها لا تضر ولا تنفع، ولا تستطيع أن تدفع عن نفسها، ثم توجه إلى بيرون -حيدر أباد السند اليوم-، فدخلها، وسار إلى الملتان -عاصمة الإقليم-، ففتحها وقتل الملك داهر عام 96هـ.
ولكن “صيتا” ابنة الملك داهر أرادت الثأر لأبيها، فادعت أن محمد بن القاسم قد اغتصبها، فعزل حتى يجري التحقيق معه وتولى أمر السند يزيد بن أبي كبشة، ولكنه لم يلبث في الأمرة سوى ثمانية عشر يوماً. ونقل محمد بن القاسم إلى واسط حيث سجن هناك وقتل على يد أحد أعداء الحجاج، وهو صالح بن عبد الرحمن الذي اتصل بـ “صيتا” التي كانت في دمشق منذ أن أرسلها محمد بن القاسم أسيرة.
لكن “صيتا” ندمت على افترائها وأنبها ضميرها فاعترفت للخليفة سليمان بن عبد الملك بحقيقة أنها افترت على محمد بن القاسم وأن ما سبق أن ادعته لم يكن إلا كذباً، فأمر بقتلها لأنها كانت سبب قتل القائد محمد بن القاسم، واضطرب حبل الأمن في السند منذ أن تركها محمد بن القاسم، وتوفي يزيد بن أبي كبشة، واستعاد أبناء الملك داهر بعض المدن من أيدي المسلمين.
ويعلق الدكتور عبد الله جمال الدين على مقتل ابن القاسم بقوله: “وإن المرء ليعجب كيف تنتهي حياة ذلك الشاب بهذه الصورة المريرة، وهو الذي فتح كل بلاد السند، ونشر الإسلام في كافة أرجائها في فترة قياسية لم تتجاوز السنوات الثلاث؟ كيف يواجه محمد بن القاسم هذا المصير المؤلم ويجزى ذلك الجزاء المهين؟ لقد تضاءلت أمام أعماله الحربية والسياسية عظمة الإسكندر “المقدوني” وشهرته، إذ بينما عجز الإسكندر قبل ألف عام عن الاستيلاء على قسم ضئيل من الهند كان سكانه أقل من ربع السكان زمن ابن القاسم، استطاع هذا الفتى أن يخضعها ويلحقها بالدولة الإسلامية من غير كبير عناء.
وقد قال مؤرخ إنجليزي: لو أراد ابن القاسم أن يستمر بفتوحاته حتى الصين لما عاقه عائق، ولم يتجاوز أحد من الغزاة فتوحاته إلى أيام الغزنويين. لقد كان واحدا من عظماء الرجال في كل العصور”
وفي أيام الخليفة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، تولى أمر السند عمرو بن مسلم الباهلي، أخو قتيبة فاتح بلاد ما وراء النهر، فقوي أمر المسلمين، ودعا الخليفة أمراء الهند إلى الإسلام، ووعدهم بأن يبقوا في مراكزهم، فأسلموا ومنهم أبناء الملك داهر.[5]
في عصر الدولة العباسية
ورثت الدولة العباسية الملك من الدولة الأموية ثم اضطربت الأمور بعد أن انتشرت في السند بعض الأفكار الهدامة أيام الخليفة العباسي الثاني أبي جعفر المنصور، فتأثر بها الوالي عمر وبن حفص مما تسبب في عزله وولي مكانه هشام بن عمرو التغلبي، وفي أيام المهدي انتشرت العصبية القبلية أو انتقلت إلى مركز الدولة فاختلفت القبائل العربية بعضها مع بعض واختلف المسلمون واستغل الهنود هذا الضعف فاحتلوا بعض الأجزاء. وتفككت الولاية الإسلامية في بلاد الهند، وظهرت بعد ذلك الإمارات المستقلة، شأنها في ذلك شأن الخلافة التي تجزأت إلى دويلات، وكان من هذه الإمارات في السند إمارة المنصورة، وإمارة الملتان ثم قامت إمارة (إسماعيلية)، وبقيت حتى قضى عليها محمود الغزنوي وطارد حاكمها أبا الفتح داود القرمطي في القرن الخامس الهجري، وحكمت عدة دول إسلامية في الهند حيث كانت تعد نفسها تابعة اسميا للدولة العباسية، وهي:
الدولة الغزنوية
تعتبر الدولة الغزنوية المرحلة الثانية من عصر الفتوحات الإسلامية في الهند وورثت الدولة الغزنوية ملك الدولة السامانية في غزنة التي حملت اسمها وكان مؤسسها سبكتكين، وخلفه ابنه الأصغر إسماعيل. وانتزع ابنه الأكبر محمود الحكم من أخيه عام 388 هـ، ونذر نفسه للجهاد في سبيل الله، فدخل الهند وفتح كوجرات وهدم معبد سومنات الشهير بعد فتحها، وكان الهنود يعدون هذا المعبد مكان تناسخ الأرواح.
ويعود الفضل في انتشار الإسلام في تلك الأصقاع بعد الله تعالى إلى محمود الغزنوي، ثم خلف محموداً ابنه مسعود ففتح مدينة بنارس على نهر الغانج، ولكن ساد الاختلاف، وصمد حكم الغزنويين حتى عام 555ه.
فقد حدثت إثر وفاة مودود بن مسعود الغزنوي صراعات دموية بين عدد من المطالبين بالسلطة واستمرت حتى وصول فرخزاد بن مسعود الأول (444ـ451هـ) إلى سدة الحكم، وقد نجح فرخزاد بمساعدة القائد نوشتيغان في صد السلاجقة الذين كانوا في هذه الأثناء يتقدمون نحو بغداد والأناضول، وعقد أخوه إبراهيم (451ـ492هـ) الذي خلفه معاهدة صداقة مع السلاجقة متنازلاً لهم عن الختلان، والصغانيان وقباديان، فوعده السلاجقة أن يتخلوا عن سياستهم التوسعية نحو الشرق.
توفي إبراهيم سنة 493هـ بعد حكم دام 40 سنة وخلفه ابنه مسعود الثالث الذي حافظ على أواصر الصداقة والمصاهرة مع السلاجقة، فلما توفي سنة 508هـ اندلعت المنازعات العائلية وتولى ثلاثة من أبنائه بالتتابع الحكم،
آخرهم بهرام شاه الذي بقي معترفاً بسيادة السلاجقة، مع أنه حاول سنة 530هـ، -دون جدوى- التخلص من سيادة السلطان السلجوقي سنجر، ومن دفع الضريبة الباهظة له، ولكن علاقته مع الغوريين تدهورت بعد حوادث قتل وانتقام بينهم ثم استولى الغوريون على زامنداور وبست ثم على تيجن أباد سنة 552هـ.
وبدأ ملك الغزنويين يتضاءل شيئاً فشيئاً حتى لم يبق للدولة الغزنوية من وجود، فقد استولى الغوريون على غزنة، ونجح أحد أفراد الأسرة الغورية وهو شهاب الدين الغوري في الاستيلاء على الملتان سنة 571هـ وعلى بيشاور سنة 575هـ، ثم أجبر خسرو ملك سنة 583هـ على الاستسلام بعد أن حوصرت لاهور عاصمة البنجاب مراراً، فأُخذ سجيناً ثم أُعدم مع أبنائه في أواخر سنة 585هـ، وانتهت بذلك سلالة سبكتكين، ولم يبق منهم إلا ذكراهم التاريخية.
في كتابه (تاريخ الإسلام في الهند)، وصف الدكتور عبد المنعم النمر السلطان محمود الغزنوي بأنه صاحب “اسم لامع يذكره التاريخ بأعماله وبطولاته، كما يذكره كل هندي مسلم وغير مسلم، باعتباره الرجل الذي أسس بشجاعته وجرأته حكما إسلاميا في الهند، ظل يزدهر ويقوى من بعده على يد عدة أسر نحو ثمانية قرون ونصف قرن، حتى انطوت صفحته على يد الانجليز نهائيا سنة 1274ه – 1857م”.
الدولة الغورية
خلفت الدولة الغورية الدولة الغزنوية، ووصلت إلى البنغال، ولم يحكم من ملوكها سوى شهاب الدين محمد الغوري، ودخل مملوكه قطب الدين أيبك مدينة دهلي وجعلها مقر حكمه، وعين نائباً له على ما وراء نهر الغانج، محمد بن بختيار الخلجي فأخذ بيهار، واتخذ مدينة رانغبور قاعدة له، ثم استولى على البنغال.
أعتق شهاب الدين محمد الغوري مملوكة قطب الدين أيبك ومات الغوري عام 602هـ فورثه قطب الدين أيبك حيث لم يكن للغوري وريث.
واضطربت الدولة الغورية اضطراباً شديداً بعد وفاة السلطان شهاب الدين.
واتخذ أيبك مدينة لاهور قاعدة لملكه ولم يلبث أن توفي عام 607هـ فخلفه ابنه أرام شاه غير أن ولاته قد تمكنوا من الاستقلال بما تحت أيديهم عنه.
منهم شمس الدين إيلتمش الذي كان مملوكاً لقطب الدين أيبك فلما تولى ابنه الحكم استقل إيلتمش في مدينة دهلي، وأسس أسرة حاكمة استمرت في حكمها في مدينة دهلي حتى عام 664هـ .
وبعد خروج بعض الولايات الهندية من يد الغوريين لانشغالهم بالحروب في إيران مع الخطا والخوارزميين الذين انتزعوا منهم بلاد خراسان ثم ممتلكاتهم في أفغانستان، انهارت الدولة الغورية تماماً بعد أن أُنهكت قواها بما شنته من حروب على الخطا والخوارزميين والهنود.
في عصر دولة المماليك
استمر عصر المماليك حتى عام 923هـ عندما دخل العثمانيون مصر وأخذوا الخلافة لأنفسهم من الخليفة العباسي الذي فر لمصر بعد سقوط الخلافة في بغداد على يد التتار ولم يكن له سوى الإسم وقد كانت شبه القارة الهندية في عصر المماليك ضعيفة، ومقسمة لممالك متعددة في أرجاء الهند ومنها:
في دهلي
حكمت كل من:
- مملكة أسرة بلين (664 – 689هـ)
- مملكة الخلجيون (189 – 720هـ)
- آل تغلق (720-815هـ)
- آل خضر (815- 855هـ)
- اللوديون (855- 923هـ)
في كشمير
أسس شمس الدین شاه مرزا أسرة حكمت كشمير مدة قرنين وربع ( 744 – 970هـ)، وأصله من خراسان جاء وخدم ملك كشمير الوثني وأصبح وزير ابن الملك عندما آل إليه الحكم، وزوج امرأة الملك الذي توفي، وأرادت المرأة أن تغدر به فسجنها واستلم السلطة.
في السند
تبع الولاة في السند مركز الخلافة الإسلامية في دمشق، ثم في بغداد حتى منتصف القرن الثالث الهجري، ثم تمكنت أسرة سومرة من السيطرة على السند مدة قرن من الزمن ثم جاءت بعدها أسرة سمة التي كان حكامها يخضعون لملوك دهلي، وقد يستقلون عنهم أحياناً.
وحكمت السند أسرة ستمكان التي بقيت في الملك حتى عام 927هـ، وجاءت بعدها أسرة شاه بيك القندهاري حتى عام 995هـ.
في الملتان
كانت البنجاب تتبع ملوك دهلي، فلما ضعف الحكم في دهلي بعد فيروز شاه من آل تغلق، بدأت حملات النار على البنجاب، فولى السكان عليهم الشيخ يوسف عام 847 هـ، غير أن كبير الجند رفض ذلك، وقبض على الشيخ يوسف وسجنه واستلم الأمر، ولقب نفسه (قطب الدين لنكاه) وحكم أبناؤه من بعده حتى دخل بابر شاه التيموري الهند فضم الملتان إلى بلاد السند.
في كوجرات
كانت كوجرات تتبع ملوك دهلي، ثم استقل حكامها في أواخر حكم آل تغلق عام 810هـ وكان أول حكامها المستقلين ظفر خان بن وجيه الدهلوي، وخلفه ابنه أحمد الذي أسس مدينة أحمد أباد، كبرى مدن كوجرات اليوم، وتوارث الأبناء الملك، واصطدموا مع المحتلين البرتغاليين، وقتل أحدهم عام 143هـ واستمرت السلطة بأيديهم حتى عام 995ه.
في جانبور
كانت جانبور تتبع دهلي، ثم استقل فيها خواجه جهان سرور عام 796 هـ في أيام محمود شاه، آخر ملوك آل تغلق، وكان استقلاله ذاتياً، وتوفي عام 802 هـ، وخلقه مولاه (قرنفل) بناء على عهد من خواجه جهان، ولقب قرنفل نفسه مبارك شاه وقطع الخطبة عن آل تغلق، وتوفي سنة 804 هـ. وخلفه أخوه إبراهيم وكان صاحب دين وخلق، واصطدم مع حكام دهلي، وتوفي عام 844هـ وورثه أبناؤه، وانتهى حكم هذه الأسرة عام 881 هـ.
في البنغال
فتحت البتغال عام 599 هـ، وحكمها الخلجيون، واستقلوا فيها، ولكن وقع الخلاف بينهم وبين ملوك دهلي، فعادت لتتبع دهلي عام 624هـ.
وجاء التتار إلى البنغال عن طريق التبت عام 646 هـ، فأخرجهم منها حكام دهلي وعادت البنغال في تبعيتها إلى دهلي حتى عام 964هـ.
وعرفت الوحدة على يد الحاج إلياس الذي تلقب باسم شمس الدين، واصطدم مع ملوك دهلي وورثه أبناؤه من بعده حتى عام 785هـ، إذ كان آخرهم شمس الدين أيضاً ضعيفاً فغلب عليه أحد أمرائه من الوثنيين مدة سنتين، وتولى بعده ابنه الذي أعلن إسلامه وتسمى باسم جلال الدين. وتعدد توالي الملوك على البنغال، وكل من أصل يختلف عن أصل سابقه وعن أسرته.
في الدكن
الدكن هضية وسط الهند تشغل أغلب البلاد، وولى الأمراء الذين وصلوا إلى المنطقة عليهم إسماعيل الفتح الأفغاني، وجرت حروب بينهم وبين محمد شاه تغلق، فانتصروا عليه وقادهم في تلك الحرب علاء الدين البهمني الذي كان قد أقطعه محمد شاه تغلق بعض القرى في الدكن.
واستولى علاء الدين على كل ما فتحه المسلمون في الدكن وقاتل كيرالا، ويعد أول من استعمل الوثنيين في الأمور المالية، وتوارث أبناؤه الحكم من بعده حتى 934 هـ. وكان في الدكن عدة ممالك، ومنها:
ملوك خانديس: استمرت حتى عام 1009هـ،
ملوك مالوه: استمرت حتى عام 839 هـ،
ملوك بيجابور ويقال انتشر فيها المذهب الشيعي، استمرت حتى عام 1097هــ، ولكن أحد ملوكها وهو إبراهيم بن إسماعيل، قد ترك الشيعة ورجع إلى الإسلام.
ملوك أحمد نكر: أسلم أحمد البراهميين الهندوس، وحسن إسلامه، فأطلق عليه الملك اسم نظام الملك، وأقطع ابنه أحمد الإقطاعات، وقتل نظام الملك واستقل ابنه أحمد بما تحت يده وأسس مدينة لكر، وجعلها قاعدة حكمه عام 900 هـ. واعتق ابنه برهان الشيعية، واستمرت هذه المملكة حتى عام 1042 هـ.
ملوك كلكندة وحيدر أباد وبقيت هذه الأسرة حتى عام 1096هـ.
ملوك برار استقل في برار عماد الملك عام 892هـ وتوارث الأبناء الملك حتى نهاية القرن العاشر.
في عصر الدولة العثمانية
شهد العصر العثماني منذ أن فتح السلطان العثماني مصر، وتنازل له الخليفة العباسي فيها عن الخلافة عام 923ه وحتى إلغاء الخلافة العثمانية عام 1342 هـ. أربع نقاط بارزة في تاريخ الهند وهي:
- 1- دخول الأسرة التيمورية واستلامها الحكم.
- 2 – الاحتلال الصليبي.
- 3 – الثورة.
- 4- الصراع بين المسلمين والهنادك.
- الأسرة التيمورية
حكم أحد أحفاد تيمورلنك وهو محمد بابر شاه غزنة، بينما كانت الأسرة اللودية تحكم دهلي، وكان أفراد منها بعضهم على خلاف مع بعض، وتمكن أحدهم وهو إبراهيم أن ينتصر على منافسيه، فأظهروا له الطاعة، واتصلوا مع محمد بابر شاه (ظهیر الدین)، وطلبوا منه السير إلى الهند على الطلب ودخل لاهور عام 930 هـ، واشتبك مع قوات إبراهيم اللودي التي يقودها بنفسه في معركة طاحنة قتل إبراهيم فيها، وتقدم ظهير الدين، وجعل مقر حكمه مدينة (الحره) وذلك عام 932 هـ.
وأعلن الجهاد ضد الكفرة من براهميين هندوس وغيرهم ومن يتعاون معهم، وبدأ بنفسه فأعلن التوبة من المعاصي، فأطاعه الناس، وحارب خصومه وانتصر عليهم وبعدها أعلن التسامح الديني كي يتمكن من فرض السيطرة على البلاد، وتوالى أبناؤه في الحكم من بعده، وأخذ حفيده محمود جلال الدين (أكبر شاه) السلطة وحاول أن يوجد ديناً جديداً مزيجاً من الإسلام والبراهمية -الهندوسية- والبوذية والزرداشتية ليتمكن من حكم الهند، ورأى أن يكون الدين كاللغة التي انتشرت أيام المغول، وهي لغة الأردو، التي هي مزيج من التركية والفارسية والعربية، وبعض الكلمات الأجنبية، وذلك عام 986 هـ، بل وظن البرتغاليون النصارى أنه بإمكانهم تحويله إلى الديانة النصرانية غير أنهم لم يستطيعوا ذلك، وكان قد وضع معلماً منهم لولده سليم، وقد أمر بمنع ذبح الأبقار، والسماح بالزواج من البراهميات الهندوسيات وزواج البراهميين الهندوسيين من المسلمات.
ولكن حين تولى السلطة (محي الدين أبي المظفر محمد أورنكزيب عالمكير) عام 1069 هـ عمل على تدوين الفقه، وأبطل ما ابتدعه (أكبر شاه)، ووسع ملكه، وكان صالحاً، غير أن ابنه من بعده (قطب الدين محمد معظم بهادور شاه) قد اتخذ الشيعية مذهباً له، وعظمت قوة السيخ والهندوك في عهده، وأخذت الدولة تميل نحو الضعف ثم أخذت تستقل المقاطعات إذ استقلت الدكن، وسيطر السيخ على البنجاب، وغلب المهرانا على كوجرات واستقلت (اوده) بين بيهار وقنوج، وانفصلت البنغال وكان آخر ملوك الأسرة التيمورية بهادور شاه ويكنى أبا ظفر وفي أيامه حدثت الثورة عام 1373 هـ.
2 – الاحتلال الصليبي
في الوقت الذي كانت الدولة التيمورية تسيطر على الهند كان المحتلون الصليبيون يصلون إلى السواحل الهندية. لقد وصل البرتغاليون إلى سواحل الهند الغربية، وأقاموا بعض المراكز فيها، وانتصروا على الأمراء المسلمين وعلى حلفائهم من المماليك الذين استنجدوا بهم، ولكن أمراء المسلمين عادوا فاستنجدوا بالعثمانيين الذين حلوا محل المماليك في حكم مصر وسواحل البحر الأحمر، وانتصر العثمانيون على البرتغاليين غير أن أمراء المسلمين في الهند كانوا على خلاف بعضهم مع بعض، فاستعان جانب منهم بالبرتغاليين ضد الجانب الآخر، كما ظن بعض أولئك الأمراء سوءاً بالعثمانيين، ومنعوا عنهم المؤن فاضطروا إلى المغادرة، وسيطر البرتغاليون على بعض المراكز، ثم فرضوا سيطرتهم على المحيط كله وأصبحت التجارة بأيديهم. وجاء الهولنديون أيضاً إلى المنطقة ورفعوا أسعار التوابل، وتبعهم الإنجليز منافسين لهم، وأسسوا شركة تجارية تتعامل مع الهند مباشرة، وحملت أسماء متعددة في البداية، ثم عرفت باسم شركة الهند الشرقية ثم تغلب الإنجليز على منافسيهم البرتغاليين والهولنديين الذين كانوا يمنعونهم من الولوج إلى الداخل، فلما انتصروا نزلوا في مدينة (مدراس) وتوغلوا إلى داخل الهند.
وجاء بعد ذلك الفرنسيون وساروا على منوال من سبقهم من الصليبيين، وأسسوا شركة تجارية فرنسية، وعملت شركات الاحتلال كلها على شراء الأراضي وبناء الحصون إذ كانت المنافسة بينها قوية. وأخيراً تمكن الإنجليز من الغلبة والسيطرة على الهند، ولكن بقي للهنادك مملكتان مستقلتان في الشمال، في سفوح جبال هيمالايا، هما: نيبال وبوتان.
وبقيت ثلاثة مراكز للبرتغاليين على الساحل الغربي هي: دامان شمال بومباي، وجزيرة ديو وغوا، ومساحتها كلها 1800 كيلومتر مربع. وبقيت للفرنسيين أربعة مراكز وهي بونديشيري، و(غندرنكر) قرب كلكتا، ونياوان، وكاريكال قرب الرأس الجنوبي.
أما المسلمون فبقيت لهم السلطة الاسمية حيث يوجد لهم عدد من الممالك والإمارات وأبرزها المملكة المغنولية في دهلي، وممالك كوجرات والدكن والبنغال.
صورة في سنة 1275ه – 1858م لفيليس بيتو لمسجد في ميروت حيث يصلي فيه بعض الثوار.
مكر الاحتلال الصليبي
أخذت شركة الهند الشرقية تنقل البضائع من الهند إلى أوروبا، فلما وقع الانقلاب الصناعي، في أوربا صارت تقل الصناعات من أوربا إلى الهند، وهذا ما دعاها إلى فتح أسواق جديدة لها في الداخل، وفي الوقت. نفسه كانت تفرض سيطرتها على السواحل وتتقاضى على سفن غيرها ضرائب معينة، وانقلبت التجارة إلى احتلال صريح وتبدلت ملكية الشركة من أفراد إلى الدولة البريطانية، وتبعت الهند إلى الحكومة مباشرة.
ووجدت إنجلترا أن المسلمين هم حكام الهند ولممالكهم قوة ولإماراتهم جيوش وحتى يمكنها السيطرة التامة على الهند فلا بد من محاربة الحكام المسلمين، أو لا بد لهم من محاربتها إذا أخذت تتصرف دون الاهتمام بهم فأخذت تتعامل مع الهندوس وتقربهم إليها وتتقرب منهم، وتدعمهم، وتمدهم، وترفع من الروح المعنوية لديهم، وخاصة أن هناك عامل اتفاق مشترك بين الإنجليز والهندوس فكلاهما يحقد على المسلمين ويريد انتزاع السلطة منهم.
أخذ الإنجليز بما لديهم من قوة عسكرية، ومن قوة مادية يضغطون على المسلمين، وشعر المسلمون بالخطر وأرادوا الوقوف في وجه هذه السياسة، وحصل القتال بين الطرفين في جهات كثيرة، وجند الإنجليز الهنادك ضمن قواتهم، وقع قتال بين حاكم البنغال سراج الدولة وبين القوات الإنجليزية، فانتصر في بداية الأمر سراج الدولة، ودعمه الفرنسيون منافسة للإنجليز الذين لجأوا إلى الحيلة وشراء النفوس فانتصروا أخيراً مع أن ملك دهلي قد سند سراج الدولة، وتمت سيطرة الإنجليز على البنغال، وأوريسا، وبيهارـ.
وجرى قتال بين السلطان تيو ملك (میسور)، وبين القوات الإنجليزية، فهزم تيو وخسر كثيراً من أملاكه، وأعادا الكرة فانتصر، ولجا الإنجليز إلى الحيلة فانتصرواـ. ولم يكن المسلمون يقبلون هذا الغزو ولا يرحبون به فقد كانت هناك ثورة أحمد عرفان الشهيد في البنجاب عام 1242هـ واستمرت حتى استشهد عام 1246 هـ.
وأخذ الإنجليز السواحل الشرقية (كروماندل) بالدهاء والشراء وسيطروا على الهند جزءاً بعد آخر بوسيلة من الوسائل، ولما تمت سيطرتهم أخذوا يتبعون سياسة خاصة إذا استولوا على أوقاف المسلمين التي كانت المصدر الوحيد لتمويل الكتاتيب، فتعطلت هذه الكتاتيب، وانتشر الجهل، وفي الوقت نفسه سعى الإنجليز في تعليم الهندوس ليقووا بهم بعض المراكز الإدارية، وليتقووا بهم على المسلمين أو ليضربوا المسلمين بهم. واستولوا على أحسن أراضي المسلمين بشتى الوسائل فانتشر الفقر بين المسلمين بعدها، وعمت الإرساليات التنصيرية في سبيل تعليم الهندوس، وتنصيرهم، ليكون النصاري الجدد وسيلة حكم الاحتلال، والأداة التنفيذ المخططات الصليبية.
ونتيجة انتشار الجهل والفقر فقد انخرط أعداد من المسلمين في صفوف القوات الإنجليزية، وكانوا ضباطهم من البريطانيين يهينونهم ويذلونهم، ويسخرون منهم. وأحس المسلمون بما يُدير لهم فقاموا بالثورة عام 1273هـ
اشتعال الثورة
رفض بعض الجنود تنفيذ أوامر الضباط باستخدام الشحم المأخوذ من الخنزير لصيانة البنادق حيث أشاع الإنجليز أن هذا من باب التحدي، فأخذوا إلى السجن فتألم إخوانهم وعملوا على فكاكهم، وهجموا على الضباط الإنجليز، وقتلوا أحدهم، وفروا باتجاه دهلي إلى دار الملك المغولي سراج الدين أبي ظفر بهادر شاه، وكان قد تجاوز التسعين من العمر، وعدوه ملك البلاد الحقيقي، وانتقلت أخبار هذه الحادثة إلى البلاد كلها، فاشتعلت الثورة، وأشعلها في شمال دهلي (إمداد الله)، فطلب الإنجليز النجدات فجاءتهم وسارت الجيوش إلى دهلي، وحاصرتها عدة أشهر ثم دخلتها، وقبضت على آخر ملك مغولي، سراج الدين أبو ظفر وعلى أسرته وقتلت أبناءه أمامه وعملت له وجبات طعام من لحومهم إعلاناً عن التشفي والحقد الصليبي، وحملته إلى عاصمة بورما (رانجون) حيث بقي هناك حتى توفي عام 1378ه وألغيت الدولة المغولية.
بهادور شاه ظفر (آخر سلاطين مغول الهند) في دلهي، في انتظار محاكمة البريطانيين له لدوره في الثورة.
انتهت الثورة عام 1374هـ، وأعلنت إنجلترا انتهاء عمل شركة الهند الشرقية، وعدت بلاد الهند من أملاك التاج البريطاني وعد الإنجليز المسلمين سبب الثورة والمخططين لها فصبوا جم غضبهم عليهم، فصادروا أملاكهم، وهدموا مساجدهم وجعلوها ثكنات للجيش وشردوا المسلمين، ورحب الهندوس بهذه الجرائم بل شاركوا فيها وعدوها ثاراً من المسلمين، وتسلّموا الوظائف، واشتروا الأراضي، وحصلوا على الثروة، وكانت السياسة البريطانية بالأصل تعمل على تقريب الهندوس وإبعاد المسلمين، وقد مورست هذه السياسة بشكل صريح.
يقول الندوي في كتابه المسلمون في الهند -صفحة 178 – 179- عن هذه الثورة “بالرغم من أن هذه الثورة أو حرب التحرير ـ كما يصح أن تسمى ـ كانت شعبية عامة يقاتل فيها المسلمون والهنادك جنباً بجنب، ولم تعرف الهند حماسة وطنية ووحدة شعبية قبل هذه، كان للمسلمين السهم الأكبر في القيادة والتوجيه، وكان منهم العدد الأكبر والأهم من القادة والزعماء، وقد صرح السروليم هنتر بأن جمرات الجهاد التي أشعلها السيد أحمد الشهيد -1246هـ – هي التي ألهبت نار هذه الثورة . وقد كان من أكبر العلماء والمشايخ الذين قادوا الثورة وأشهرهم مولانا أحمد الله ومولانا لياقت علي، وهما اللذان تزعما الحركة، وكان الجنرال بخت خان هو القائد العام ونائب الملك” .
إعدام اثنين من السيبوي المشاركين في الثورة، من مشاة الحادي والثلاثين.
ويصف بعض فصولها الدامية فيقول في الكتاب نفسه -صفحة 185 – “ثم جاء دور الشنق، ونصبت مشانق وأعواد على الطرق العامة والشوارع، وأصبحت مواضع نزهة عامة يتفرج عليها الإنجليز ويتمتعون بمناظر احتضار المشنوقين وهم يدخنون ويتحدثون، فإذا تم عمل الشنق ولفظ المشنوق نفسه الأخير، استقبلوه بالضحك والابتسام، وفي هؤلاء الأشقياء أصحاب الإمارات وكبار الأشراف، وقد شنق بعض الأحياء الإسلامية على بكرة أبيها، ويذكر مؤرخ معاصر- إن سبعة وعشرين ألفاً من المسلمين قتلوا شنقاً، واستمرت المجزرة سبعة أيام متواليات لا يحصى من قتل فيها ، أما السلالة التيمورية فقد حاول الإنجليز أن يستأصلوا شأفتها فقتلوا حتى الصبيان، وعاملوا النساء معاملة همجية تقشعر منها الجلود” .
بعد الثورة
أصبحت الهند كلها تحت السيطرة الإنجليزية ومع ذلك فقد بقيت الإمارات تحت سلطان المسلمين أو الهندوس، ولم تكن صلاحيات الأمير سوى فى تسيير الشؤون الداخلية، أما ما يخص شؤون الدفاع، والمالية وشؤون التعليم، والقضايا الخارجية فكلها كانت بيد السلطات الإنجليزية.
وبقيت بعض الإمارات على هذه الصورة حتى تم التقسيم عام 1360ه.
وقام بعض المسلمين يريدون سد الثغرة التي حصلت وأدت إلى تأخر المسلمين قدعوا إلى التعليم، وحاول بعضهم تقليد الغرب والتقرب من الإنجليز لينالوا عندهم الحظوة مثل أحمد خان الذي أنشأ جامعة عليكره وأسس جريدة (تهذيب الأخلاق)، وعمل آخرون بمقتضى الإسلام، دون تأثر بالظروف التي يعيشونها، وقد تأسست ندوة العلماء، ودار العلوم التابعة لها عام 1311ه في مدينة لكنو.
وقامت بعض الحركات التي رفعت لواء الإسلام مثل ثورة جعفر ويحيى عام 1380هـ، وثورة شيخ الهند محمود الحسن عام 1338هـ، وقد دعا إلى مقاطعة جامعة عليكره، ومقاطعة الإنجليز.
“لقد تعاقبت على حكم الهند بعد الفتح الإسلامي لها، دول وأسر مسلمة من الترك والمغول والأفغان، بدءا من الدولة الغزنوية، ثم تلاها الدولة الغورية التي استمر حكمها حتى سنة 607ه، مرورا بدول وأسر عديدة كان آخرها الدولة التيمورية، وأثناء حكمها قام عدد من الحملات القادمة من أوروبا للوصول إلى الهند، على يد البرتغال، ثم من هولندا، ثم بريطانيا، التي انتصرت على البنغال، وأخمدت ثورة أحمد عرفان الشهيد، واستطاعت بريطانيا ضم الهند إلى أملاك التاج البريطاني عام 1275ه- 1858م، وبذلك ينتهي تاريخ الهند الإٍسلامي”.
سياسة المحتل لهدم الإسلام
لم يكن الإنجليز ليسمحوا ببقاء عوامل الانبعاث الإسلامي في بلاد الهند مع معرفتهم بقدرة المسلمين على التحرر وبناء حضارة متميزة في هذه الديار فعمد هؤلاء الإنجليز لهدم الإسلام في اتجاهين:
الأول: نشر الفكرة القومية المخالفة للإسلام وذلك كي يضيع المسلمون بين الهنود وقد حمل هذه الفكرة متقاعد إنجليزي مقيم في الهند يدعى (ألن) هيوم حيث دعا إلى إنشاء جمعية وطنية يحمل أبناؤها مطالب الهند إلى الحكومة البريطانية لبحثها، وتبنى هذا الموضوع اللورد دوفرين، وعمل على إخراجها لتكون في يد الحكومة وذلك أفضل من أن ننبثق من خلال الشعب، وبدأت أول اجتماع لها في مدينة بومباي عام 1303هـ ، وحرص الإنجليز أن يكون فيها بعض قادة المسلمين.
وتأسس حزب المؤتمر الوطني الهندي، ودخله الهنود، كما دخله المسلمون بل إن بعض الهيئات بالشعارات الإسلامية قد انضمت له مثل جمعية العلماء، ومؤتمر المؤمنين الهنود، ومؤتمر الشيعة، وأبدى الحزب في أول الأمر احترام شعور المسلمين، ولكنه أظهر فيما بعد عكس ذلك حيث أخذ ينادي بإخراج الغرباء من الهند، ويعد المسلمين غرباء كالإنجليز، ولم تكن المناداة بإخراج الإنجليز إلا لإظهار الوطنية كي يلقى التأييد الشعبي، وإبراز التحرر من الوصاية الإنجليزية.
ولما رأى الهندوس أن المسلمين ضعفاء بسبب السياسة الإنجليزية بدأ التطرف عندهم حتى وصل بهم الأمر للدعوة لقتل كل من يظهر ميلا نحو المسلمين أو يحاول مسايرتهم من الهندوس، وهذا ما جعل المسلمين ينكمشون عن الهندوس ويلتف بعضهم حول بعض، وظهر تجمع خاص لهم، أو هكذا رأت إنجلترا أن يكون تنظيمان في البلاد يتنافسان وتستفيد هي من كلا التيارين، إذ ينقسم المسلمون فيما بينهم فبعضهم يبقى داخل حزب المؤتمر الهندي، وأخر يخالفه وينتقده أشد الانتقاد، وترى الدولة المحتلة من ناحية أن المسلمين لا بد من أن يتجمعوا فالأفضل أن يلتقوا تحت قيادة غير ملتزمة إسلامياً، وإنما تكتفي بالعاطفة وحرصاً على المصلحة والقيادة من أن تجتمع حول علماء يدعون إلى التربية، ويعلنون الجهاد، ويقاتلون المحتلين بضراوة، ويُؤثرون على الهندوس فيشدونهم نحو الإسلام، وعلى هذا عملت إنجلترا، وأخذت تجر المسلمين نحو هذا الخط، وتعمل على إبراز غير الملتزمين منهم.
قسمت إنجلترا مقاطعة البنغال إلى قسمين غربي وشرقي عام 1323ه على أساس ديني.
وعارض الهندوس هذا التقسيم إذا فقدوا حسب رأيهم السيطرة على ولاية مهمة، وأظهروا الحزن وتعاهدوا بعدم الطبخ في منازلهم دلالة على غضبهم، واجتمع خمسون ألفاً منهم عند صنم (كالي) إله التدمير حسب عقليتهم وتعاهدوا على مقاطعة البضائع الإنجليزية.
وفي عام 1324هـ طالب المسلمون بإجراء انتخابات منفصلة، وترك الانتخابات المشتركة، وذهب وفد منهم المقابلة نائب الملك في مقره الصيفي في (سيملا). وقد سُر المسلمون بتقسيم البنغال.
وفي عام 1329هـ ألغي تقسيم البنغال على على لسان الملك جورج في حفلة تتويجه امبراطوراً في مدينة دهلي فابتهج الهندوس وعقد المسلمون اجتماعاً في مدينة (دكا) في البنغال الشرقية عام 1324ه ونتيجة هذا الاجتماع تشكل حزب والرابطة الإسلامية، وبدأ الخلاف بين الحزبين حزب المؤتمر الوطني الهندي، وحزب الرابطة الإسلامية واختلف المسلمون بعضهم مع بعض إذ أصدرت جامعة (عليكره) فتاوى بحرمة الانضمام إلى حزب المؤتمر وأصدر عبد القادر اللدهانوي فتوى بعدم حرمة الانتساب إلى حزب المؤتمر، ووقع على هذه الفتوى بعض العلماء وبقي بعض أعيان المسلمين في حزب المؤتمر أمثال محيي الدين أحمد أبو الكلام آزاد وأنشأ مجلتي الهلال والبلاغ وذاكر حسين، كما كان فيه محمد علي جناح.
الثاني: بعد زرع القومية والوطنية جاء دور العمل على إنشاء فرق ضالة تدعي الإسلام في سبيل هدم العقيدة. لقد شجعت إنجلترا مرزا غلام أحمد القادياني على إحياء ما دعا إليه الملك المغولي (أكبر شاه)، فأنشأ القاديانية، وكتب البراهين الأحمدية، وادعي عام 1322 هـ أنه المهدي المنتظر، وأعلن أن الأنجليز هم أولو الأمر فيجب طاعتهم، ولا يصح الخروج عليهم، كما لا يصح الجهاد ضدهم وعمل على التوفيق بين الأديان، فادعى أنه يتقمص روح السيد المسيح عليه السلام، وروح الإله (کرشنا) رب الخير عند الهندوس، وتوفي مرزا غلام أحمد عام 1326 هـ وانقسمت جماعته من بعده إلى قسمين:
الأحمدية وتدعي أنه كان رجلا مصلحاً.
والقاديانية وتقول بنبوته، وكلاهما كاذب في ضلال مبين، ودعمه الإنجليز بكل إمكاناتهم، ولا يزالون يدعمون أتباعهم في كل مكان.
المسلمون يقيمون حضارة في شبه القارة الهندية
تحدث الداعية الهندي أبو الحسن الندوي في كتابه – المسلمون في الهند- (صفحة 27) عما “حمله المسلمون إلى هذه البلاد مع دخولهم كدعاة مرشدين، أو غزاة مجاهدين، أو ملوك فاتحين، أو علماء محققين، من خيرات وحسنات وتحف وطرف، وعن بعض ما أضافوه إلى ثروتها الدينية والعلمية والخلقية والاجتماعية والصناعية والمدنية في عهدهم الطويل الجميل الزاهر . دخل المسلمون في هذه البلاد حيناً بدافع ديني مجرد من كل مصلحة ومنفعة ليحملوا إلى أهلها رسالة الإسلام الرحيمة العادلة، وليخرجوا الناس من ضيق الدنيا إلى سعتها، وليضعوا عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، كما فعل أولئك الدعاة المخلصون الذين ارتمى في أحضانهم مئات ألوف من الأشقياء والمعذبين، وأحبوهم أكثر من آبائهم وأولادهم”.
وقال الندوي: “ودخلوها حينا آخر كغزاة فاتحين، وملوك طامحين كالسلطان محمود الغزنوي، وشهاب الدين محمد الغوري، وظهير الدين بابر التيموري مثلا، وكانوا مؤسسي دولة عظيمة ازدهرت مدة طويلة، وخدمت البلاد، وتقدمت بها في نواحي الحياة المختلفة، وكان كل من هؤلاء وأولئك مصمما على الإقامة في البلاد، أو على الاتصال بها اتصالا مباشرا مستمرا، يعتقد أن الأرض لله يورثها من يشاء، وأن كل ما كان من أرض وبلاد فهو للمسلم عن طريق الخلافة والوصاية العالمية التي كُلف بها المسلمون”.
كما نقل قول الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي، غوستاف لوبون في كتابه (حضارات الهند) الذي قال “فالحق أن دور الهند التاريخي لم يبدأ إلا بعد المغازي الإسلامية في القرن الحادي عشر بفضل مؤرخي المسلمين” .
ويفرق الندوي بين نظرة المسلمين الفاتحين للهند وبين نظرة الأوروبيين المحتلين لها، فالمسلمون “كانوا ينظرون إليها كوطن ومدفن ومسكن، لا يبغون عنها حولا، فكانوا يخدمونها بكل ما أتوه من ذكاء ونبوغ، وقوى ومواهب، وكانوا يعتقدون أن كل ما يضيفونه إلى ثروتها إنما يضيفونه إلى ثروتهم، ويحسنون إلى أنفسهم، وأجيالهم القادمة”.
بخلاف الأوروبيين: “الذين يجلبون خيراتها إلى بلادهم الخاصة، ويحلبون البلاد كبقرة مستعارة لا تقيم عندهم، ولا يجدون من بعد إليها سبيلا، وذلك سر عناية المسلمين بهذه البلاد وحرصهم على تقدمها ورفاهيتها”.
وقال غوستاف لوبون إن “العصر الإسلامي يبدأ في الهند في القرن الحادي عشر، وينتهي من الناحية السياسية في القرن الثامن عشر من الميلاد، وهذا العصر عُرف بأحسن مما عُرف أيُّ عصر آخر جاء قبله بفضل مؤرخي المسلمين، والهند خضعت في القرون السياسية التي دام فيها سلطان المسلمين لفاتحين من العرب والأفغان والترك والمغول القائلين جميعهم بدين محمد وخلفائه ونظمهم”. “وكان لهؤلاء الفاتحين الأثر البالغ في لغة الهند ومعتقداتها وفنونها، ولا يزال هذا الأثر باديا في الهند، فتجد في الهند خمسين مليونا من الهندوس يعملون بشريعة القرآن ، وتجد الناس يتكلمون في قسم كبير منها بلغة مشتقة من لغة السادة السابقين”.
لقد كان تأثير المسلمين في المدنية والصناعة وأساليب الحياة أبرز وأقوى منه في نواح أخرى، فقد أدخلوا في هذه البلاد حياة جديدة تختلف عن الحياة القديمة في هذا القطر، كما تختلف الحياة في أوربا اليوم عن الحياة في القرون الوسطى.
وقد أنشأ ملك كجرات السلطان محمود بن محمد الكجراتي المشهور باسم محمود بيكره (917هـ) مصانع كثيرة للنسج والوشي والتطريز والنحت، ومصنوعات العاج والمنسوجات الحريرية، وصناعة الورق، وقد كان السلطان محمود هذا ملكاً عمرانياً كبيراً، أحدث نشاطاً صناعياً وزراعياً وتجارياً منقطع النظير في تاريخ ذلك العصر وقد تحدث عنه مؤرخ الهند عبد الحي الحسني في ترجمته في نزهة الخواطر.
وكذلك كان للحكومات الإسلامية فضل في تربية الحيوانات واقتنائها، وترقية نسلها وتربية أجسامها، يظهر ذلك في مذكرات جهانكير توزك «جهانكيري وكتب التاريخ مثل «آئين أكبري». أما تأسيس المستشفيات المارستانات ودور العجزة . والحدائق العامة والمنتزهات، والترع الكبيرة والبرك العظيمة . فقد كان من محاسن الدول الإسلامية التي لم تسبق إليها، وفي كتاب «جنة المشرق وهي خطط الهند» للعلامة عبد الحي الحسني قائمة طويلة بأسماء المستشفيات والمؤسسات الخيرية، والمشاريع المدنية التي نشأت في عصور الدول الإسلامية المختلفة كما نقل ذلك الندوي في كتابه.
وكذلك الشوارع الطويلة التي تجمع بين شرق الهند وغربها. وتمتد على طول الهند وعرضها، كانت من إنشاء الملوك المسلمين، اشتهر منها الشارع الطويل الذي أنشأه شير شاه السوري من سنار كاؤن أقصى بلاد بنغال (في باكستان الشرقية) إلى ماء نيلاب من أرض السند ( في باكستان الغربية) مساحته اثنتان وثلاثون وثمانمئة وأربعة آلاف كم وأسس في كل ثلاثة كيلو مترات رباطاً، ورتب هناك مائدتين، مائدة للمسلمين ومائدة للهنادك، وأسس مسجداً على كل ثلاثة كيلو مترات ووظف مؤذناً ومقرئاً وإماماً في كل مسجد، وعين في كل رباط فرسين للبريد، فكان يرفع إليه أخبار نيلاب إلى أقصى بلاد بنغال كل يوم، وغرس الأشجار المثمرة بجانبي الشارع ليستظل بها المسافر ويأكل منها .
وعلاوة على ذلك فقد كان مما أدخله المسلمون ونقلوه من الخارج إلى الهند: النظافة الزائدة، والأناقة في كل شيء، والظرافة في المأكل والمشرب، والبناء والاجتماع، والاحتفاظ بأصول الصحة، وتهوية البيوت وتنويرها، والتأنق في الأواني، فقد كان أهل الهند – ولا يزال كثير منهم ـ يأكلون على أوراق الشجر، خصوصاً في الولائم الكبيرة، وقد أحدث المسلمون انقلاباً عظيماً في المجتمع، وفي الحياة المنزلية، وفي نظام تأثيث البيوت.
وكذلك أدخلوا فناً معمارياً جديداً يمتاز بالمتانة والدقة والرقة والجمال والتناسب ، والفخامة، والتهوية والتنوير، ولا يزال تاج محل آية في الهندسة والبناء، وذكرى عهد المسلمين الزاهر، ودليلا ناطقاً على ما بلغوا إليه من رقة الذوق ولطافة الحس، والإبداع في الفن كما يلخص ذلك الندوي في كتابه .
وقد اعترف بذلك أحد قادة حركة التحرير في الهند ورئيس المؤتمر الوطني سابقاً (Pattabhai Sita Ramayya) في خطبته التي ألقاها في حفلة المؤتمر الوطني الهندي في «جي بور» فقال:
“إن المسلمين أغنوا ثقافتنا، إنهم قووا إرادتنا، وقربوا أجزاء البلاد البعيدة بعضها إلى بعض، لقد كان تأثيرهم عميقاً في آداب البلاد وحياتها الاجتماعية” .
ونختم هذه المقالة بكلمة لميهتا وهو كاتب عصري في كتابه -الحضارة الهندية والإسلام- حيث قال:
“إن الإسلام قد حمل إلى الهند مشعلاً من نور قد انجلت به الظلمات التي كانت تغشى الحياة الإنسانية في عصر مالت فيه المدنيات القديمة إلى الانحطاط والتدلي، وأصبحت الغايات الفاضلة معتقدات فكرية، لقد كانت فتوح الإسلام في عالم الأفكار أوسع وأعظم منها في حقل السياسة، شأنه في الأقطار الأخرى، لقد كان من سوء الحظ أن ظل تاريخ الإسلام في هذا القطر مرتبطاً بالحكومة فبقيت حقيقة الإسلام في حجاب وبقيت هباته وأياديه الجميلة مختفية عن الأنظار”.
[1] التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر الجزء 19 صفحة 5-7
[2] د. عبد الله جمال الدين: التاريخ والحضارة الإسلامية في الباكستان “أو السند والبنجاب” إلى آخر فترة الحكم العربي “ص82، 83”.
[3] أطلس التاريخ الإسلامي، للدكتور حسين مؤنس “الخريطة ص118″ دراسات في تاريخ الخلفاء الأمويين، للدكتور بطاينة ص”236” وموسوعة التاريخ الإسلامي للدكتور أحمد شلبي “الجزء الثاني: الدولة الأموية ص139”.
[4] التاريخ الاسلامي لمحمود شاكر الجزء 19 صفحة 12 -13
[5] التاريخ الاسلامي لمحمود شاكر الجزء 19 صفحة 13- 17
الكامل في التاريخ لابن الأثير
التاريخ والحضارة الإسلامية في الباكستان “أو السند والبنجاب” إلى آخر فترة الحكم العربي د. عبد الله جمال الدين
موسوعة التاريخ الإسلامي للدكتور أحمد شلبي الجزء الثاني: الدولة الأموية
التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر الجزء 19
المسلمون في الهند لأبي الحسن الندوي