النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

إخلاص الدين .. جزئية انحراف!


من أخطر جزئيات الانحراف التي يغفل عنها في زماننا، “إخلاص الدين للأشخاص والجماعات”، وهذا انحراف يسري بهدوء تحت ستار نصرة الحق!

وأكثر من يصاب به “المتحزب الأعمى” الذي مهما حمل من حب لهذا الدين، حمل معه من الهوى لشخص أو جماعة، بما يجعله يطوّع الدين لصالح من يهوى، ويسخر الحق لنصرته في كل حال وإن طغى!

وهذا النوع تكشفه حالة اصطدام رمزه بالشريعة، فيتحول لمرقع ومهوّن! متفلت من الحقائق متلاعب بها!

أو من خلال طريقته في النصرة الجاهلية، فيتحول لمطفف ومدلس، فلا يجد حرجا في الكذب والافتراء والفجور، للانتصار لما يعتقد أنه الحق الأبلج ودونه محض ضلالة!

وهنا تماما يظهر الفرق بين إخلاص الدين لله جل جلاله، وإخلاص الدين للرموز!

الأول يحمله التقي، والثاني يحمله الشقي! ولكل منهما أثره الذي لا يخفى.

لو رصدنا جزئيات الانحراف في زماننا، لأدركنا أن الشيطان يعمل بلا كلل ولا ملل وأن الناس لا يزالون في غفلة واستدراج!

وإن كان من نصيحة لكل مسلم يرجو رحمة ربه، فإياك والتعصب الأعمى والكذب على النفس! فإنه موجب لعمى البصير والانحراف عن سبيل المؤمنين.

واستحضر دوما أن لا حق مطلق إلا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم.

وأما ما يأتي بعد ذلك فميزان حق وعدل، لا انحراف ولا ظلم. وتلك من الأسباب الموجبة للبصيرة والثبات في الفتن التي تتوالى وتشتد!

ومن أبى، فإن الله يأبى أن يكون الدين خالصا إلا لله جل وعلا!

وسنن الله لا تحابي أحدا.

فمن يجرؤ على الغش في ميدان سر النجاة فيه الصدق والإخلاص لله تعالى!


مما أورثه العيش تحت وطأة الحكم الجبري، استنساخ وسائل الطواغيت بشكل أكثر اعتناقا!

ومن ذلك اعتقاد أن النصرة للحق تتطلب تنظيم “شللية” تتواصى بفنون النصرة التي تقوم على الغرور لا التواضع، وعلى المجادلة لا الاستقامة، وعلى التدليس لا على الصدق وعلى الفحش بالقول لا الإحسان فيه.

يتفنون في بخس حق، وغمط خير، وابتكار طرق للتضليل واحتكار الحق في الرمز! تماما كما يفعل أنصار الديمقراطية وأنصار الطواغيت. يظهرون المحاسن فقط ويخفون كل مثلبة فإن كشفها الله جعلوها منقبة.

إنها صناعة لنصرة مبتدعة، لم يعرفها السلف الصالح ولم ينصحوا بها، لأن التقوى كانت لهم منهجا ووسيلة. ولأن قلوبهم عمرتها الخشية من الله تعالى.

فإن أحسن مَنْ بينهم دعوا له وأحسنوا له، وإن أخطأ تبرؤوا لله من خطئه ونصحوه لا تأخذهم في الله لومة لائم، لم يكونوا يغشون أحدا، بل يتواصون بالحق والصبر.

وهكذا تستمر “الشلليات” بتقطيع أوصال فرص الإصلاح والاجتماع والاستدراك، وبدل الاستقامة كما أمر الله تعالى والتقوى، يبرز منهج التواصي بالنصرة المطلقة وإن ظلم الرمز أو انحرف، وإن أخطأ أو أسرف، كله مباح وكله يجوز ويهون في سبيل النصرة الآثمة! هكذا يفهمون نصرة الحق!

ثم يصبح انحراف الرمز دينا يدافع عنه وعقيدة تسري في المناصرين، وأما مظالمه فمفخرة تتوارث! وبعد حين، نصبح أمام نموذج مشوه للإسلام، ومخالف له.

من درس ضلال الفرق والجماعات وخط تحول انحرافهم في تاريخ الأمة، أدرك أن البداية كانت من التواصي على النصرة العمياء لا الاستقامة كما أمر الله تعالى بحق وعدل لا مساومة عليه.

ومما يجهله هؤلاء أن أرتال النصرة مهما امتلكت من أنصار ومن أدوات ووسائل، فإنها لا تحسم النهايات أبدا، وفضل الله لا يُنال إلا برضا الله تعالى، وإن كان الرمز منحرفا أو عاصيا، فلا ينفعه مال ولا بنون ولا أرتال أنصار.

فاستقيموا يرحمكم الله، ولا تحملوا أنفسكم من التزكيات التي تعجزون غدا عن المجادلة عنها يوم القيامة.

قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد» [رواه البخاري].


قال الله عز وجل (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا)

وقال سبحانه (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا)

إن النصرة التي أمر الله بها جل جلاله، هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة في الله والتواصي بالحق والصبر، وحب الخير والهداية للناس، وبغض الشر والظلم من كل الناس.

أما على طريقة التطبيل والترقيع، فتلك من مخلفات الجاهلية، لن تغني عنك من الله شيئا، بل قد تكون سببا للحرمان والشقاء.

فاستقم كما أمرت.

بعد مرحلة الخضوع للحكم الجبري طوعا وكرها، ثم مرحلة التزكية المطلقة للجماعات والنصرة العمياء لها كمثل القشة التي يتعلق بها الغريق، لا بد للأمة أن تتحول نحو الاستقامة كما أمر الله عز وجل، وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له، على منهاج النبوة، وهنا يتحقق وصف النبي صلى الله عليه وسلم “حتى ترجعوا إلى دينكم”. ويتنزل النصر المبين.

فأرجى الأعمال الآن الدعوة لإخلاص الدين لله وحده لا شريك له والتواصي بمنهاج النبوة، استقامة ووجل!

النشرة البريدية

بالاشتراك في النشرة البريدية يصلك جديد الموقع بشكل أسبوعي، حيث يتم نشر مقالات في جانب تربية النفس والأسرة وقضايا الأمة والمرأة والتاريخ والدراسات والترجمات ومراجعات الكتب المفيدة، فضلا عن عدد من الاستشارات في كافة المواضيع والقضايا التي تهم المسلمين.

Subscription Form

شارك
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x