أيها الآباء، أيتها الأمهات!
الارتهان للمدارس النظامية لتربية وتعليم أبنائكم، يعني أنكم ستصطدمون بعد فترة من الزمن بأبناء علمانيين، هم أقرب للإلحاد وأبعد عن الإيمان.
فإني والله أرى كيدا كبيرا يحاك في هذه الساحة المصيرية لانبعاث هذه الأمة، والناس في غفلة ساهون عابثون لاهون باللهث خلف أهداف الدنيا التي لا تنتهي ولا تكتمل أبدا!
إن تربية أبنائكم وفلذات أكبادكم مسؤوليتكم أنتم، وحين نقول تربية، فلا نعني بذلك حيازة شهادات دراسية فاخرة في الطب والهندسة وما يفخر به الناس!
بل يعني أن الله سائلكم عن عقيدتهم عن دينهم عن فرائضهم عن استقامتهم عن خلقهم، عما تعلموه منكم! عن أمانة الإسلام العظيم، عن معرفتهم للقرآن والسنة وميراث السابقين الأولين، هذا العلم الفرض الذي لا يتقدمه علم ولا يناجزه علم !
فالآن وليس غدا، وفورا وليس بعد حين، يجب استدراك من بين أيديكم من ذرية، فوالله إن المساءلة عظيمة، والفتن شديدة والعواصف لن ترحم أحدا إلا من تجذر التوحيد في قلبه وانطلقت جوارحه سعيا ومسابقة في سبيل الله على السنة.
التعليم والتربية التي يحتاجها الجيل، هي تربية القلب والعقل على معرفة ربه، وعلى طاعة ربه، وعلى العمل لدينه!
وغير ذلك جاهلية تهدم ولا تنفع، فأتموا البناء حقا، واستحضروا حقيقة فناء هذه الدنيا!
فكل علم لم يقم على التوحيد والسنة هو جهل يقتل صاحبه. ويعيش بسببه في تيه وعبث وظلام، وإن حاز أكبر الشهادات الدنيوية.
وإن لله وإنا إليه راجعون.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [ التحريم: 6]
إنها لجريمة كبرى بحق صغيرك! أن يكبر لا يعرف آيات ربه ولا أحاديث نبيه، ولا غايته في الوجود!
إنه لمصاب جلل، أن يكبر ابنك قد تربى بصدفة، ففقد أكثر مما وجد من أسباب قوة القلب والأعمال والأهداف.
إنها لهزيمة مزلزلة! أن تكون سببا في ضلال ذريتك! فتسأل عن نفسك وعنهم في يوم عظيم، تذوب له القلوب والأكباد!
لا تفرح بشهادات دراسية وعلامات فاخرة في العلوم الحياتية والرياضيات وابنك يجهل من ربه، ولا يعرف قدر خالقه!! ولا يحفظ سنة نبيه ولا سيرته العظيمة صلى الله عليه وسلم.
فمهما بلغت علامات أبنائك في علوم الدنيا، إن كانت معرفتهم بعلوم دينهم كاسدة، فأنت ترفع بنيانا مهدوما! إلا أن ينتشلهم الله برحمته فيسخر لهم أسباب الهداية والثبات!
الأمر جد وليس بهزل، وما عند الله خير وأبقى.
لنكفّ عن تربية التبعية بسبهللة، ولننتقل لتربية الإسلام العظيمة.
القرآن والسنة، ثم تأتي بقية العلوم، ومن قدم عليهما علما، فإنما قدم على نفسه حجة لا يقوى على دفعها يوم لقاء ربه! ولا دفع موجباتها في حياته الدنيا!